الثلاثاء، 27 مارس 2012

الهوية المصرية بين الواقع والمأمول

اتضح في الفترة الأخيرة التي مرت بها مصر ، ولا أعنى بحديثي فترة ما بعد الثورة بل فترة ما قبل الثورة بسنوات عديدة وحتى الآن اختفاء الهوية المصرية بل وعدم التمسك بملامحنا وما يميزنا عن سائر الدول الأخرى.
تمتلك مصر من الناحية المادية الكثير من الموارد التي لا تحصى وبعضها أو معظمها قد اختفى بسبب ظلم الحكام وطغيانهم وفسادهم عندما قضوا عليها ببيعهم لها واللجوء إلى الاستيراد من الدول الأخرى ، أما الجانب المعنوي غير الملموس فيظهر في اللغة والتعليم ( أساس أي دولة ) أصبحت هي الأخرى في الحضيض .
كثيرا ما نسمع في الشوارع بين الحين و الآخر أحدهم يقول للأخر انه يأمل في رؤية مصر كدولة (-----) وغالبا ما تجده يقارنها بدولة أجنبية كماليزيا أو ايطاليا أو أمريكا أو ألمانيا ، هذه المقارنة تحدث بعين العاطفة ولكن في حقيقة الأمر ، ايطاليا و التي تعد من اكبر الدول الصناعية على مستوى العالم واتى تحتل المركز الخامس عندما نقارن مواردها بموارد مصر فنجد أن موارد ايطاليا اقل بكثير من موارد مصر ولكن الفرق الوحيد الذي يتمثل هنا هو كيفية استغلال هذه الموارد والمحافظة عليها واستثمارها ومن الجدير بالذكر مصانع الورق التي كانت موجودة بمصر ، الورق الذي كان يصنع من القش ولكن تم القضاء على هذه المصانع في ظل طغيان الحكومة السابقة و أصبحنا نستورد الورق من دولة الصين وساعد في ذلك اتجاه المصريين نحوه نظرا لقلة ثمنه ، بل والأدهى من ذلك انه لم يتوقف الأمر عند ذلك بل استبدلت هذه المصانع بمصانع ملوثة للبيئة كمصانع الأسمدة والتي أثبتت في بعض المناطق مدى تأثيرها السلبي على البيئة وخاصة على المياه والثروة السمكية في مصر وظهر ذلك جليا عندما عقدنا مقارنة بين مصر وايطاليا في مواردها السمكية ،إن مصر تملك العديد من البحيرات والبحر الأبيض المتوسط والذي يساعدها على استخراج اكبر كمية من السمك بل وتصديره أيضا وليس للاستهلاك الداخلي فقط ونجد أنفسنا نستورد الأسماك من 3 دول من الخارج ومن الجدير بالذكر أيضا إذا نظرنا إلى الجمبري على سبيل المثال في دولة ايطاليا نجده يباع بأرخص الأثمان على عربات مثل عربات (الفول والطعمية) في مصر وهى وجبة الفقراء بالنسبة لهم أما في مصر فتجد من الصعوبة الحصول على مثل هذه الوجبة حتى بين الطبقات المتوسطة .
أما الجانب الآخر هو التعليم فإذا قمنا بمقارنة بين التعليم في أمريكا والتعليم في مصر فسنجد أن التعليم في أمريكا بالرغم من أنهم يملكون العديد من الأساليب العلمية المتطورة والتقنيات الحديثة والمناهج الدراسية المناسبة وأننا لا نملك القليل مما هو هناك ولكن يظهر بمصر الكثير من العلماء وخير دليل على ذلك الدكتور مصطفى السيد العالم المصري في مجال العلاج بجزيئات الذهب لمرضى السرطان ولكن من المخزي حقا بعد أن كنا نملك تلك العقليات الفذة إذ تحاول الدولة جاهدة القضاء عليها بل وعدم تهيئة الجو المناسب ودعمهم جيدا ويبدو علينا الذهول من نتيجة دخول مصر في مسابقة المهارات على مستوى العالم لتأخذ المركز ال " 67 " تلك النتيجة المخزية التي أثبتت فشل النظم التعليمية بمصر.
ومن جانب آخر اللغة التي تعد من أهم السمات المميزة لأي بلد فنجد على سبيل المثال من أكثر البلاد التي تعتز بلغتها وترفض استخدام أي لغة أخرى في التحدث مع مواطنيها هي ألمانيا كما أن هذه البلد من أكثر البلاد التي يصعب دخولها بدون حصول الفرد المهاجر إليها على شهادة تؤكد انه يجيد اللغة الألمانية إلى جانب لغتين أيضا وذلك على خلاف مصر التي فقدت أهم مميزاتها وهى اللغة فأصبح التحدث بين مواطنيها باللغة الخليط ( نص عربي ونص انجليزي ) .
إلى متى ستظل مصر متمسكة بذيل الأمم بعد أن كانت في مقدمة الأمم بمواردها وعقول أبناءها الفذة ! ، بعد أن وجدنا الشفرة ! ، هل سنظل في ذلك الواقع المرير أم سيتحول المأمول إلى واقع ؟ .
نشر بجريدة منبر الحرية الوطنى ... فبراير/2012م


سمر ناصر موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق